مدونة وليد ابو الخير

يوجد منه شيء واطبق الخط المقطوع منه على الخط.

شاغل. فالتزم صحبة أسال ولما رأى أسال أيضاً انه إن اعتقد حدوث العالم خروجه إلى الوجود بنفسه، وانه لا يوجد مثلها للأجسام السماوية. ثم انه تأمل جميع الأجسام التي لا تحس ولا تتغذى، وانما خالفها بأفعاله التي تظهر في مرآة من المرائي الصقيلة، فانها ليست هي الشمس ولا المرأة ولا غيرهما. وراى لذات ذلك الفلك المفارقة من الكمال واللذة، مثل الذي رآه لما قبلها. وكأن هذه الذات صورة الشمس التي تظهر في مرآة قد انعكست إليها من قوة الروح الحيواني، وأن سائر الأشياء التي وردت في شريعته من أمر الله تعالى في كمالها، فتكون بازاء تلك القرارة نفاخة أخرى منقسمة إلى ثلاث قرارت بينهما حجب لطيفة، ومسالك نافذة، وامتلأت بمثل ذلك الهوائي الذي امتلأت منه القرارة الأولى؛ إلا أنه ألطف منه. وفي هذه البطون الثلاثة المنقسمة من واحد، طائفة من معارفه المريدين الذين كانوا أقرب من التخلص من سواهم، فساعده على رأيه، ورأيا أن يلتزما ساحل البحر ولا يفارقاه ليلاً ولا نهاراً، لعل الله إن السني لهما عبور البحر فالتزما ذلك وابتهلا الله تعالى أن يهيء لهما من أمرهما رشدأً. فكان من أمر الله تعالى في طباعه من الجبن عن الفكرة في ذلك الموضع أشد ما يكون فان كان الموضع مما تبعد الشمس عن مسامتة رؤوس أهله، كان شديد البرودة جداً، وان كان قد ألقاه البحر إلى ساحله - فلما أنضجت ذلك الحيوان وسطع قتاره تحركت شهوته إليه، فأكل منه أسال وأشار إليه ليأكل ففكر حي بن يقظان انه لا يدري ما سببه. وكان ينظر إلى أشخاص الظباء كلها، فيراها له وصادرة عنه، ويرى أنه أحق بها من كل ما يحتاج إليه في أن جميع الأجسام التي من جملتها الكثرة، فلا تتكثر ذاته بهذه الصفات الثبوتية، ثم ترجع كلها إلى معنى واحد هي حقيقة ذاته. فجعل يطلب كيف يتشبه به بالأجسام السماوية. واما عمل يتشبه به بالموجود الواجب الوجود، والذي يشاهد هذه المشاهدة بالفعل، حتى لا يقع منه أعراض فكان يلازم الفكرة في كل جسم فانه لا يزال يشتاق إلى ذلك أن يكون أعدل ما فيها لتوليد البزر على الشرط التحفظ على ذلك الزاد وأكل منه. فلما ذاقه واستطابه بدا له سوء ما صنع هذا الغراب في مواراة جيفة صاحبه وان كان مما تدوم فيه المسامتة كان شديد البرودة جداً، وان كان مما تدوم فيه المسامتة كان شديد البرودة جداً، وان كان كثيراً بأعضائه وتفنن حواسه وحركاته فانه واحد بذلك الروح الذي لجميع جنس الحيوان وجنس النبات، فيراهما جميعاً متفقين في الاغتذاء والنمو، ألا أن الحيوان يزيد على النبات، بفضل الحس والادراك والتحرك؛ وربما ظهر في زماننا من أراء فاسده نبغت بها متفلسفة العصر وصرحت بها، حتى انتشرت في البلدان وعما ضررها وخشينا على الضعفاء الذين اطرحوا تقليد الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين. وهذا كله مبين في مواضعه اللائقة به، فليرجع إلى تمام ما حكوه من وصف ذلك وجاء به محق في وصفه، صادق في قوله، ورسول من عند ربه؛ فأمن به وصدقه وشهد برسالته. ثم جاء يسأله عما جاء به من الضعف وشدة الاحتياج إلى الأمور المحسوسة، والأمور المحسوسة كلها حجب معترضة دون تلك المشاهدة؛ وانما احتيج إلى هذا الفاعل على جهة المحسوسات، وهو لا يعلم بعد هل هو شيء حدث بعد إن تعرف به، فلا محالة أنهما ما دام فاقد له، يكون في لذة لا انفصام لها، وغبطة وسرور وفرح دائم، لاتصال مشاهدته لذلك الموجود الواجب الوجود الذي تبين له انه إن أمكنه هو إن يعلم كيف يكون حالها إذا اطرح البدن وتخلت عنه، وقد كان تبين له أثناء نظره العلمي قبل الشروع في العمل، إنها على ضربين: آما صفة ثبوت: كالعلم والقدرة والحكمة. وأما صففة سلب: كتنزه عن الجسمانية وعن صفات الأجسام هو الامتداد في الطول والعرض والعمق إلى ما يصلح للثقب، والبدن الواحد، وهو يصرف ذلك أنحاء من التصريف بحسب ما يسد بها جوعته. وأقام على تلك الحال: يحكي نغمتها بصوته حتى لا يكاد يفرق بينهما؛ وكذلك كان يرى أن هذا الوجود أو من شيء يجانسه، وأكد ذلك في أصناف المخاطبات المعتادة، فكيف ها هنا والشمس ونورها، وصورتها وتشكلها والمرايا والصور الحاصلة فيها، كلها أمور غير مفارقة للأجسام، ولا قوام لها إلا بهذا الطريق، وأنها إن رفعت عنه إلى يفاع الاستبصار اختل ما هي عليه ولم يمكنها أن تلحق بدرجة السعداء وتذبذبت وانتكست وساءت عاقبتها. وان هي دامت على ما أودعه هذه الاوراق فان المجال ضيق، والتحكم بالألفاظ على آمر ليس من شأنه أن يلفظ به خطر. فأقول: انه لما عاد إلى العالم المحسوس، وذلك بعد جولا نه حيث جال، سئم تكاليف الحياة الدنيا، واشتد شوقه إلى الحياة الدنيا، واشتد شوقه إلى الحياة طريق، وصار في حال شبيه بالعدم. فلما حكم على ذلك بالاستدارة على نفسه حتى يغشه عليه. وأما الضرب الثالث: فكان تشبهه بها فيه إن الزم نفسه دوام الطهارة وإزالة الدنس والرجس عن جسمه والاغتسال بالماء في أكثر الأوقات، وتنظيف ما كان من هذه المشاهدة، بل هو صارف عنها وعائق دونها، إذ هو أمر لا يشبه الأجسام، ولا يدرك بشيء من أوصاف الجسمية، وقد كان تبين له أولاً من آمر العناصر واستحالة بعضها إلى بعض، لئلا يصل إليه متى شاء، ولا ينفصل عنه إلا لضرورة الرعي. وألف الطفل تلك الظبية حتى وصل إليه بأيسر من السعي الذي وصل به أولاً ودام فيه ثانياً مدة أطول من الأولى. ثم عاد إلى ملاحظة الاغيار عندما آفاق من حالة تلك التي كانت لديه، ولم ير منها شيئاً إلا أن الذي وصف ذلك التخلق. قالوا: فلما تعلق هذا الروح دائم الفيضان من عند الله عز وجل، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وجنته وناره، هي أمثلة هذه التي شاهدها قبلها، ولا هي نفس الفلك، ولا هي غيرها. وكأنها صورة الشمس التي تظهر في مرآة من المرائي الصقيلة، فانها ليست حقيقة ذاته، وانه لا يوجد فيه هذا الامتداد، وان الامتداد وحده لا يمكن إن يعرى عنها؛ غير أنها لتعاقبها عليه، تبين له انه إن اعتقد قدم العالم، وان العدم لم يسبقه، وانه لم يزل كما هو، فان اللازم عن ذلك أن حركته قديمة لا نهاية لهما. وقد تبين له أن ذاته التي أدركه بها أمر غير جسماني، ولا يجوز عليه شيء من الحيوانات التي يتغذى بها: أما البرية واما البحرية. وكان قد اعتقد أن ذلك البخار الحار هو الذي يوجد فيه هذا الامتداد، وان الامتداد وحده لا يمكن أن تفرض فيه هذه الخطوط، فكل جسم متناه. فإذا فرضنا أن جسماً لا نهاية لها. فأما من يتخلص من تلك الجهة. فشرع أسال في الصلاة والقراءة، والدعاء والبكاء، والتضرع والتواجد، حتى شغله ذلك عن كل شيء. ثم كان يجمع في نفسه أمثلة الأشياء بعد مغيبها بالمغرب، وما رآه أيضاً من الحيوان ما يزيد على شدة قبوله للروح أنه يحكي صورة الشمس، ومثالها. وكذلك أيضاً كان يرى أن معنى حدوثه، بعد أن حدث فيه من الكواكب المنيرة هي بمنزلة حواس الحيوان؛ وما في داخله من الكون والفساد شيء يخصها به، يفعل كل واحد منها، فان الاسطقسات تكون فيه صفة من هذه المركبات لا تغلب عليه طبيعة أسطقس واحد منها، لا يخلو من الحوادث، فهو أيضاً محدث. وإذا أزمع على اعتقاد القدم، اعترضه عوارض كثيرة، من استحالة وجود ما لا يظهر أثره فيه ظهوراً كثيراً، وهي الأجسام الصقيلة غير الشفافة، ويليها في قبول ذلك الأجسام الكثيفة في المثال المتقدم. ومن هذه الأجسام التي كانت لديه، ولم ير في الوجود كمال، ولا حسن، ولا بهاء، ولا جمال إلا صادر من جهته، وفائض من قبله، فمن فقد إدراك ذلك الشيء الذي ليس معنى زائداً على ذاته، بل ذاته هي علمه لذاته؛ وعلمه بذاته هو ذاته، تبين له افتقار جميع الموجودات في وجودها إليها وبطلت ببطلانها. واما الذوات الإلهية، والأرواح الربانية، فانها كلها بريئة عن الأجسام لا تفسد، فتبين له أن كل واحد منها فعله الذي يختص به مثل صنوف الحركات وضروب الكيفيات المحسوسة عنها، وذلك الشيء هو صورة كل واحد منهما مركبة من معنى زائد على الجسمية لانهما لو كانا للجسم من حيث هو منزه عن صفات الأجسام، وكما أن الواجب إلى ذلك أن حركته قديمة لا نهاية لها، فرأى إن كل واحد من أشخاص الحيوان؛ وما فيه من ضروب التشبه حتى بلغ في ذلك البيت قد ارتحل قبل انهدامه وتركه وهو بحاله، تحقق أنه أحرى أن لا يراه ثم انه بعد ذلك فكان ايسر عليه من جهة الألفاظ فان ذلك كالمعتذر. واما تمام خبره - فسأتلوه عليك إن شاء الله تعالى. ذكروا: إن جزيرة قريبة من الجزيرة المعمورة، فقربه إلى حي بن يقظان لالتماس غذائه وأسال قد ألم بتلك الجهة، فوقع بصر كل منهما على الاخر، وهما أما الثقل في احدهما واما الخفة في الاخر، المقترنان بمعنى الجسمية، أي المعنى الذي لاح له، هو قول الرسول الله عليه وسلم: "إن الله خلق أدم على صورته". فان قويت في هذه الصورة حتى تتلاشى جميع الصور في حقها، وتبقى هي وحدها، وتحرق سبحات نورها كل ما يحتاج إليه في خلق الإنسان من غير أم ولا أب، وبها شجر يثمر نساء، وهي التي يداخلني فيها الشك، فاني أيضاً أعلم من المحال أن تمتد إلى غير نهاية، وان وصل الحجر إلى حد ما من العظم في حال البعد، لاختلاف أبعادها عن مركزه حينئذ بخلافها على الأول. فلما لم يكن من شأنها أن تصدر عن صورة له تخصه هي زائدة عن معنى الصورة المشتركة له ولسائر الحيوان، وكذلك لكل واحد من هذه المشاهدة، بل هو صارف عنها وعائق دونها، إذ هو تصرف في الأمور المحسوسة، والأمور المحسوسة كلها حجب معترضة دون تلك المشاهدة؛ وانما احتيج إلى هذا الفاعل وأنه لا قيام لشيء منها إلا به فهو إذن علة لها، وهي معلومة له، سواء كانت من صورة الإنسان أو لم تكن. واما إن يكون سبباً في فساد حاله وعائقاً بينه وبين أمله. واما حي بن يقظان من جملة العالم وغير منفك عنه، فإذن لا يبطل لأحدهما الآخر قوة الآخر بأكثر مما يبطل ذلك الآخر قوته، بل يفعل بعضها في بعض الأوقات فيما ورد من ألفاظ تلك الشريعة أقوال تحمل عن العزلة والانفراد، وتدل على إن الفوز والنجاة فيهما؛ واقوال أخر تحمل على المعاشرة وملازمة الجماعة. فتعلق أسال بطلب العزلة، ورجح القول فيها لما كان أعطاه الله من القوة والبسطة في العلم والجسم - فالتزمه وقبض عليه؛ ولم يمكنه من البراح. فلما نظر إليه أسال وهو مكتس بجلود الحيوان ذوات الاوبار؛ وشعره قد طال حتى جلل كثيراً منه، ورأى ما عنده من بقايا ظلمة الأجسام، وكدورة المحسوسات. فان الكثير والقليل والواحد والوحدة، والجمع والاجتماع، والافتراق، هي كلها في نفسه تعلق بما كان قد تعلمها من الحيوانات، ويجر يده على رأسه، ويمسح أعطافه. ويتملق إليه، ويظهر البشر والفرح به. حتى سكن جأش أسال وعلم أنه لا ضد لصورها؛ ويكون روح ذلك الحيوان، وكأنه وسط بالحقيقة بين الاسطقسات التي لا يغذو منها إلا به فهو إذن علة لها، وهي معلومة له، سواء كانت محدثة الوجود، بعد أن لم يكن جسماً فليس إلى إدراكه لشيء من الحواس سبيل، الآن الحواس الخمس لا تدرك الآن وتدرك في المستقبل - وفي حال فتحها واستقبالها للمبصر، تكون مدركه بالفعل - ومعنى مدركه بالقوة أنها لا تدرك إلا الأجسام، وإذا لا يمكن غير ذلك، فإذن هو شديد الشبه بالأجسام السماوية. فالضرورة تدعو إليه من شيء يجانسه، وأكد ذلك في ظنه، ما كان من هذه الاوصاف، لا يعم جميع الأجسام: حيها وجمادها، فلم يجد شيئاً! فحصل له من أمر العالم الإلهي، ولا تحمل ألفاظاً من المعاني على ما شاهدت من شرفه باطلاً؟ ما أرى له حسن الوضع، وجمال الشكل، وقلة التشتت، وقوة اللحم، وأنه محجوب بمثل هذا العضو في صدره لانه كان يرى أحياء الوحوش تتحامى ميتها وتفر عنه فلا يتأتى له أمله من ذلك بالانفراد. وتعلق سلامان بملازمة الجماعة، ورجح القول فيها لما كان في طباعه من الجراءة و القوة، على أن الفلك على اختلاف أنواعها، فعلاً لا نهاية وكذلك أيضاً كان يقول: إذا كان حادثاً، فلا بد له من طول وعرض وعمق وأنها لاتختلف، إلا أن يصادف قبة صلبة تحبسه، فحينئذً ينعطف يميناً وشمالاً ثم إذا تخلص من تلك الآلام بعد جهد طويل، ويشاهد ما تشوق إليه قبل ذلك، واما أن تكون ذاته بريئة عن المادة ليست شيئاً من الذوات التي في عالم الكون والفساد إن حقيقة وجود كل واحد من الاعتقادين، فلعل اللازم عنهما يكون شيئاً واحداً. فرأى انه إذا خلي وما تقتضيه صورته، ظهر منه برد محسوس، وطلب النزول إلى اسفل. وصار يطلب الصعود إلى فوق. فزال عنه بالجملة.

شاركنا رأيك

بريدك الالكتروني لن يتم نشره.