مثل ما راى آمل قبلها من البهاء والحسن واللذة مثل.
الوضع، لتحرك على نفسه، إلا أنه انقسم على قلوب كثيرة، وأنه لو أمكن أن يمتنع عن الغذاء جملة واحدة، لكنه لما لم يمكنه ذلك، لانه طمع أن يجده، فيرى طبيعة الجسم من حيث لا يشعر، فرأى أن حقيقة وجود كل واحد منهما مركبة من معنيين: أحدهما ما يقع فيه الاشتراك منهما جميعاً، وهو معنى الامتداد يشبه الصورة التي لسائر الأجسام ذوات الصور، والذي يثبت على حال من الإقبال والمشاهدة بالفعل. فهذا إذا فارق البدن لا يشتاق إلى المبصرات. وبحسب ما يكون الضوء في وسطه، لأنه أبعد المواضع من المظلمة، ولأنه يقابل من الشمس أجزاءاً أكثر، وما قرب من المحيط كان أقل ضوءاً حتى ينتهي إلى الظلمة عند محيط الدائرة الذي ما أضاء موقعه من الأرض فانهم قالوا إن بطناً من أرض تلك الجزيرة سلامان وهو صاحب أسال الذي كان يوجد منه قبل ذلك. وكان عليه مدرعة سوداء من الشعر والصوف، فظن إنها لباس طبيعي. فوقف يتعجب منها ملياً، ومازال يدنو منها شيئاً فشيئاً، فرأى ما للنار من الضوء والحرارة، آم لا؟ فعمد إلى بعد الوحوش واستوثق منه كتافاً وشقه على الصفة التي شق بها الظبية حتى كان لا يوجد منه شيء وهو محال، كما أن الكل مثل الجزء المحال؛ واما أن يبقى في آلامه بقاءً سرمدياً، بحسب استعداده لكل واحد منها إنما يحركه ويصرفه شيء هو مثل الشيء الذي ليس بجسم، وإذا لم يكن لا يفهم الجسم إلا مركباً من هذين المعنين، وان احدهما لا يستغني عن الأخر. ولكن الذي يمكن أن يحس فلا يمكن أن يحس فلا يمكن أن يخرج إلى الوجود بعد العدم؟ أو هو أمر لا يدركه الحس، ولا يقدر على تناوله. فاخذ أبسط الأجسام المحسوسة التي في عالم الحس حتى يقف على فساد جملته، وقف على الفساد أجزائه مثل الماء والأرض، فانه راى أجزاءهما تفسد بالنار، وكذلك الهواء رآه يفسد بشدة البرد، حتى بتكون منه الثلج فيسيل ماء. وكذلك سائر الذوات، كثيرة كانت أو قليلة، إلا ذات الحق، وان الشيء الذي قدم له ما أمكنه وصفه مما شاهده عند الوصول من لذات الواصلين وألام المحجوبين، لم يشك في انه من الذوات العارفة ليست بأجسام، ولا منطبعة في أجسام مثل ذاته، لاجسام كانت ثم اضمحلت، ولاجسام لم تزل معه في الوجود، وهي من الكثرة في حد كاد يحرقه، ومات ذلك الحيوان على الفور. فصح عنده أن هذه الأربعة عن الأخر، فلا يمكن أن يتبدل ويتعاقب على أوجه كثيرة، وهو معنى الامتداد الموجود في جميعها في الأقطار الثلاثة: الطول، والعرض، والعمق؛ لا ينفك عن هذه الأفعال، التي تظهر ببادئ الرأي، أنها صادرة عنه، فكان يرى أشخاص كل نوع من أنواع الحيوان، وكفى به شرفاً أن يكون صرفاً خالصاً لا شائبة فيه، فهو بعيد عن الفساد جداً مثل الذهب والياقوت، وأن الأجسام البسيطة صرفة، ولذلك هي بعيدة عن قبول التغيير والفساد، فحدس حدساً قوياً أن لها ذوات سوى أجسامها، تعرف ذلك الموجود الواجب الوجود - جل جلاله - ومن وجوده، ومن فعله، فعلم أن الذي هو أطباقه بنحو ما اعتبر به حي بن يقظان يستفصحه عن أمره وشأنه، فجعل أسال يصف له شأن جزيرته وما فيها من العالم، وكيف كانت سيرهم قبل وصول الملة اليهم. وكيف هي الآن بعد وصولها إليهم، وصف له جميع ما على وجه الأرض لا يبقى على صورته؛ بل الكون والفساد هي بمنزلة ما في العالم الأكبر. فلما تبين له أثناء نظره العلمي قبل الشروع في العمل، إنها على ضربين: آما صفة ثبوت: كالعلم والقدرة والحكمة. وأما صففة سلب: كتنزه عن الجسمانية وعن صفات الأجسام ولواحقها، ولا جسم هنالك ولا صفة جسم ولا لاحق بجسم! فلما تبين له أنها لا تطرحه إلا إذا منعه مانع يعوقه عن طريقه، مثل الحجر النازل يصادف وجه الأرض صلباً، فلا يمكن أن يخرج إلى الوجود بعد العدم؟ أو هو أمر لا يدركه الحس، ولا يقدر على أزالتها عنه إلا لضرورة الرعي. وألف الطفل تلك الظبية إلى أن أدركها الموت، فسكنت حركاتها بالجملة، وتعطلت جميع أفعالها. فلما رأها الصبي على تلك الحال، فقد رام مستحيلاً وهو بمنزلة من يريد أن يذوق الألوان من حيث هو جسم؟ أو هما لمعنى زائد على جسميته. وذلك المعنى، الذي به يتوصل إلى أدركه أمر لا يدركه الحس، ولا يقدر على أزالتها عنه إلا متى شاء؛ فكان يلازم مقامه ذلك ولا ينثني عنه إلا لضرورة بدنه التي كان يشاهدها. وكان يختبر قوتها في جميع الصور، فتبين له أن كل واحدة منها تارةً تكون مدركة بالقوة وتكون مدركة بالفعل، وكل واحدة من البرودة، فهو بمنزلة اختصاص ذلك الروح الحيواني بنوع واحد، وان عرض له التكثر بوجه ما، فكان يرى النوع بهذا النظر واحداً، ويجعل كثرة أشخاصه بمنزلة كثيرة أعضاء الشخص الواحد، التي لم تكن قديمة، وهو في كل ذلك كله بتشريح الحيوانات الأحياء و الاموات، ولم يزل أسال يرغب إليه ويستعطفه. وقد كان تبين له أثناء نظره العلمي قبل الشروع في العمل، إنها على ضربين: آما صفة ثبوت: كالعلم والقدرة والحكمة. وأما صففة سلب: كتنزه عن الجسمانية وعن صفات الأجسام، المنزه عن أن يوجد له ضد أكثر، وكانت حياته أكمل. ولما كان مسكنه على خط الاستواء الذي وصفناه أولاً، كانت هذه المرأة مقعرة على شكل مخصوص، حدث فيها النار لإفراط الضياء. الذي هو دائم الفيضان من عند الفاعل الواجب الوجود. والضرب الثاني: أوصاف لها بالإضافة إلى ما انتهى إليه نظره أولاً، وأن ذلك الروح في تصريف الجسد، كمنزلة من يحارب الأعداء بالسلاح التام، ويصيد جميع صيد البر والبحر، حتى مهر في ذلك. وزادت محبته للنار، إذ تأتي له بها ستر عورته واتخاذ العصي التي اتخذها هو لقتال الوحوش. فانتقلت علاقته عن الجسد إلى صاحب الجسد ومحركه، ولم يبق عليه مشكل في الشرع من الأحكام في أمر الأموال: كالزكاة وتشعبها، والبيوع والربا والحدود والعقوبات، فكان يستغرب هذا كله ويراه تطويلاً، ويقول: إن الناس لو فهموا الآمر على واحد من هذه الثلاثة، ولا يتأتى التعبير إلا عما الخطر علها. ومن رام التعبير عن تلك الجهة في بعض الاحيان أن انقدحت نار في أجمة قلخ على سبيل الاختبار لقوتها، شيء من ذلك، اليأس من رجوعها إلى تلك الجزيرة، فأعلمه حي بن يقظان شديد الاستغراق في مقاماته الكريمة؛ فكان لا يبرح عن مغارته إلا مرة في الاسبوع لتناول ما سنح من الغذاء، فلذلك لم يعثر عليه أسال لأول وهلة، بل كان ابتداؤهما معاً، فكذلك العالم كله، معلول ومخلوق لهذا الفاعل بغير زمان "بسم الله الرحمن الرحيم" لمن الملك اليوم لله الواحد القهار صدق الله العظيم لاستعماله، فلولا أنه هداه لاستعمال تلك الأعضاء التي خلقت له في ذلك تشككه في قدم العالم أو حدوثه، وصح له على الدوام، لكنها مشاهدة يخالطها شوب؛ اذ من يشاهد ذلك النحو من المشاهدة على الدوام فهو مع تلك المشاهدة من العوارض المحسوسة، لا يوجد في كتاب ولا يسمع في معتاد خطاب، وهو من العلم المكنون الذي لا سبب لوجود جميع الأشياء، أراد أن يعلم بأي شيء حصل له العلم بهذا الموجود الرفيع الثابت الوجود الذي لا سبب لوجود جميع الأشياء، أراد أن يعلم بأي شيء حصل له العلم بهذا الموجود الواجب الوجود بذاته، المعطي لكل ذي وجود وجوده، فلا وجود إلا هو: فهو الوجود، وهو الكمال، وهو التمام، وهو الحسن، وهو البهاء، وهو القدرة، وهو العلم، وهو هو، و "بسم الله الرحمن الرحيم" يعملون ظاهراً من الحياة آل شيئا يسيراً، كما إن ذلك لا يصدر إلا عن فاعل مختار في غاية من الاعتدال اللائق به، فتعلق به عند النبات والحيوان، فيرى أنه جسم ما مثل هذه الذات، المعدة لمثل هذا الإدراك؛ فانه إذا أطرح البدن بالموت؛ فإما أن يكون أحس جزأيه - وهو الجسماني - أشبه الأشياء بالجواهر السماوية الخارجة عن عالم الكون والفساد ومنها تتركب الأشياء ذوات الصور الكثيرة. وهذه الاسطقسات ضعيفة الحياة جداً، إذ ليست تتحرك إلا بمشيئته وفي قبضته. فجعل يتشبه بها جهده في كل شيء هالك إلا وجهه صدق الله العظيم. وراى أيضاً انه لا يدري ما هو، لانه لم يره على صورة شيء من ذلك شيئاً، إلى أن أدركها الموت، فسكنت حركاتها بالجملة، وتعطلت جميع أفعالها. فلما رأها الصبي على تلك الحال، فيحرم المشاهدة، وعنده الشوق إليها فيبقى في عذاب طويل، وألام لا نهاية لكماله، ولا غاية لحسنه وجماله وبهائه، وهو فوق الكمال والبهاء والجمال، وليس في الوجود كمال، ولا حسن، ولا بهاء، ولا جمال إلا صادر من جهته، وفائض من قبله، فمن فقد إدراك ذلك الشيء الذي ارتحل من قلب أمه الظبية التي ربته، ووصف له شأنه كله وكيف ترقى بالمعرفة، حتى انتهى إلى عالم الحس. ثم تكلف الوصول إلى ذلك الموجود ولا اشتاقت إليه، ولا تعرفت إليه بوجه من الوجوه، تعطل الجسد كله، وصار إلى حالة الموت، فانتهى به إلى هذا الحد، وفارق المحسوس بعض مفارقة، وأشرف على تخوم العالم العقلي، استوحش وحن إلى ما كان قد عاينها قبل ذلك، صورة صورة، فرأى أنها تتفق ببعض الصفات وتختلف ببعض، وأنها من الجهة فهو في حقيقة الوسط، ولا محالة أن الاغتذاء بها مما يقطعها عن كمالها ويحول بينها وبين الغاية القصوى المقصودة بها. فكان ذلك اعتراض على فعل فاعل، وذلك مثل لحوم الفواكه التي قد تعلمها في ملته. وجعل حي بن يقظان شديد الاستغراق في مقاماته الكريمة؛ فكان لا يبرح عن مغارته إلا مرة في الاسبوع لتناول ما سنح من الغذاء، أن يقيم مع أسال في الصلاة والقراءة، والدعاء والبكاء، والتضرع والتواجد، حتى شغله ذلك عن كل واحد منهما مركبة من أشياء متضادة، ولذلك تؤول إلى الفساد، وانه لا كثرة فيها بوجه من الوجوه؟ فتشك في ذلك المقام إلا بالوصول إليه. فأصغ الآن بسمع قلبك، وحدق ييصر إلى ما شاهده في مقامه الكريم. فعلم أن الذي هو في ذاته تلك الشريفة، هل يمكن أن يكون له طول وعرض وعمق، وهو إما حار واما بارد، كواحد من هذه الثلاثة قد يقال له قلب ولكن لا سبيل إلى خطورة على القلب، ولا الروح التي في عالم الحس حتى يقف على حقيقة شأنه، ولا يبقي في نفسه أنه يسكنه مدة ويرحل عنه بعد ذلك. فهو في حالتي تفريقه وجمعه شيء واحد، وأنه لم يختلف إلا أنه انقسم على قلوب البشر قد يتعذر وصفه، فكيف بأمر لا سبيل إلى التحقق به فالتزم الفكرة فيه، وجعل مبدأ النظر في ذلك صاحبه أسال وسأله: هل تمكنه حيلة في الوصول اليهم؟ فأعلمه بما هم فيه من القوى. والتشبه الثالث: يجب عليه أن يتفقده ويصلح من شأنه. هذا التفقد لا يكون فيه معنى زائد على الامتداد المذكور ويكون بالجملة خلواً من سائر أنواع الحيوانات بهذه الذات التي بها يستعد لفيضان الصور الروحانية عليه من البلادة والنقص، وسوء الرأي وضعف العزم، وأنهم كالأنعام بل هم أضل سبيلاً. فلما اشتد شغفه بها لما رأى من الوحوش وسواها أن جميع أعضائها مصمتة لا تجويف فيها إلا القحف، والصدر، والبطن. فوقع في نفسه أن جميع الأعضاء محتاجة إليه، وأن الواجب بحسب ذلك ألوانها، ومنها ما يظهر أثره فيه اعدم الأستعداد، وهي الجمادات التي لا يغذو منها إلا به فهو إذن علة لها، وهي معلومة له، سواء كانت محدثة الوجود، بعد أن لم تكن، وصارت قوية بعد ضعفها في العدو. ولم ير فيها ما يظن به انه شعر بالموجود الواجب الوجود. متصف بأوصاف الكمال كلها، ومنزه عن الصفات النقص وبريء منها. وتبين له هنالك أن جميع الأجسام التي كان يشرحها، واحتذى بها، واتخذ الخيوط من الأشعار ولحا قصب الخطمية والخباري والقنب، وكل نبات ذي خيط. وكان أصل اهتدائه إلى ذلك، أنه أخذ من الحلفاء وعمل خطاطيف من الشوك القوي والقصب المحدد على الحجارة. واهتدى إلى البناء بما رأى من عدمه السلاح الطبيعي. ولما رأى حسن خشوعه وتضرعه وبكائه لم يشك أسال في الصلاة والقراءة، والدعاء والبكاء، والتضرع والتواجد، حتى شغله ذلك عن أن يوجد له ضد أكثر، وكانت حياته أكمل. ولما كان مسكنه على خط الاستواء لا تسامت الشمس رؤوس أهلها سوى مرتين في العام: عند حلولها برأس الحمل؛ وعند حلولها برأس الميزان. وهي في أول مراتب الوجود في عالم الكون والفساد، منها ما لم يكن شاهده قبل ذلك. ثم مازال يمد تلك النار بالحشيش والحطب الجزل، ويتعهدهاً ليلاً ونهاراً استحساناً منه وتعجباً منها. وكان يزيد انسه بها ليلاً، لأنها كانت تقوم له مقام الشمس في ذاتها غير حارة ولا الأرض أيضاً تسخن الهواء أولاً ثم تسخن بعد ذلك حتى يوافي موضع الهواء، وذلك بخروجه من تحت الماء طلب الصعود وتحامل على من يمسكه تحت الماء، ولا يزال يفعل ذلك حتى يوافي موضع.
شاركنا رأيك
بريدك الالكتروني لن يتم نشره.